تخطى إلى المحتوى

من مقالات د-محمد المقاطع

  • بواسطة

التغيير العربي.. وسقوط أوباما
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :

بكل المقاييس التاريخية والإنسانية والعالمية لتجارب الأمم والشعوب، فإن التغيير الذي تشهده بعض الدول العربية بدءاً بتونس ومروراً بمصر ووقوفاً أمام ليبيا واليمن وغيرها من بعض الدول العربية الأخرى ، إنما هو شواهد على سلامة الحقيقة التاريخية والإنسانية والعالمية بأن التغيير هو سنة الحياة وأن دوام الحال من المحال، وهو ما سبق وأن عبّر عنه القرآن الكريم بإعجاز موجز في قوله تعالى «وتلك الأيام نداولها بين الناس»، وهو ما عبّرت عنه العبارة التاريخية المنقوشة على قصر السيف «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك»، وهذه جميعها حقائق لا يجوز تجاهلها ولا إغفالها ولا قراءة الأحداث المتتالية في العالم العربي بمنأى عنها.
إن الأمان والاستقرار وديمومة النظم السياسية والدول إنما تأتي أساساً من شعبية النظام والتفاف الناس حوله، فأي نظام يضع نفسه في عزلة أو يعيش في عزلة أو يضع نفسه خارج دائرة انتمائه الداخلي وتكوينه الشعبي لا يمكن أن يستمر مهما طال عليه الزمن ، ففكرة احتكار السلطة واحتكار سلطة الجيش والأمن والسلطة وإحكام السيطرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها أو الهيمنة على حريات الناس وحقوقهم، كل تلك لا تجدي نفعاً حينما تكسر الشعوب طوق القهر والظلم والتفرد بالسلطة لتعيد لنفسها حقوقها المسلوبة.
ولعل ما يجري اليوم في ليبيا واليمن، رغم السيطرة الاحتكارية والاستبدادية للنظام ورجاله على مقاليد الأمور في هاتين الدولتين، يؤكد أن إرادة الشعب هي التي تنتصر في نهاية المطاف، ويجب ألا يخطئ من يقرأ الأحداث أن ما يحدث في دولة عربية سيكون في معزل عما يمكن أن يحدث في دولة عربية أخرى أو يُلقي بآثاره ونتائجه عليها، فالناس يقرأون ويتابعون ويسمعون ويتشجعون ويتأثرون فيتحركون، فطوق النجاة الذي لا بد من أن يلوذ به أي نظام عربي يخشى من موجة التغيير هو أن يجعل نظامه جزءاً من البناء الشعبي الحقيقي، وألا تكون القوة واستئثار المناصب ونهب خيرات الدولة وتوزيع ثرواتها واقتسام مناصبها هي المنهج، فإن ساد هذا فلا ضمان لاستقرار النظام ولا لنجاة سلطاته.
وربما يكون مفيداً أن أشير هنا إلى أن ما يحدث في البحرين يأتي في سياق مختلف عن موجات التغيير التي نتحدث عنها في العالم العربي، فهو وإن كان حدثاً يحمل مطالب إصلاحية سياسية أو دستورية في أحد عناصره، إلا أنه تتداخل معه عناصر أخرى لا تخلو من كونها بعيدة عن تمثيل البعد الشعبي في المطالبات، منها العنصر الطائفي، وعنصر التدخل الأجنبي (وأقصد بذلك الدور الإيراني في التأجيج والتحريض)، فنحن مع مشروعية مطالبة البحرينيين بالإصلاح السياسي والدستوري، ولكن وفق إطار وتحرك وطني، كما عبّر عن ذلك ولي عهد البحرين وبعض قيادات الجمعيات السياسية الشيعية حتى لا يكون هناك خلط للأوراق والقفز على الحدث الخاص برغبات التغيير الطبيعي.
وأستغرب في الكويت ذاك التحرك الذي خرج به غير محددي الجنسية (بصورة تخرج على القانون وتستخدم التهديد أو القوة)، للمطالبة بما هو غير مشروع، وهو إعطاؤهم الجنسية، فهناك فارق كبير بين المطالبة بحفظ الحقوق والتعامل الإنساني الاعتيادي وبين مطلبهم، فالجنسية لا تؤخذ لا بالقوة ولا بالتهديد أو التظاهرات، فمن يعمل مثل ذلك فإنه يُخشى منه أن يسلك طريق الفوضى والقوة إذا صار مواطناً، وأنا أؤيد حسم ملف غير محددي الجنسية (البدون) وبتحرك سريع وشامل، ولكن وفقاً للفئات التي انتهى إليها المجلس الأعلى للتخطيط، ولجنة الأخ الفاضل صالح الفضالة ، الذي له منا كل التقدير والاحترام والدعم في تحمله مسؤولية جسيمة هي ملف «البدون».
وأختم برسالة أوجهها إلى الرئيس الأميركي، أوباما، «إن ما يحدث اليوم يعكس فشل سياستكم في المنطقة، وآخرها موقفكم المساند للكيان الصهيوني باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد وقف الاستيطان الصهيوني، وعليكم قراءة التغيير الذي تشهده بعض الدول العربية قراءة صحيحة، وهو ما يتطلب التغيير لديكم ولدى الأمم المتحدة بإلغاء حق النقض (الفيتو) لأنه يستخدم لمساندة الظلم ووأد العدل والحرية».
اللهم إني بلغت،،

سبحان الله و بحمده

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.