وسارت في طريق العذابِ وحيدة….أخــَذَت تخطو وتخطو ظناً منها أنها ستصل قريبا إلى بر الأمان .. وظلت تتابع السير .. تسير وتسير علّــها ستصل قريبا…ولكن……طال الطريق وحال السواد بينها وبين قلبها الضعيف…..
تمنت لو أن تشعل إحدى أصابعها ناراً حتى ترى قلبها أو ُتـلـقي عليه نظرةً…..مَــــلّ قلبها الانتظار ولم يحتمل البقاء وحيداً….فعزم الـــرحيــل دونها وباتت في حيرة…..تعبث بـها الظنون هنا وهناك…أحـقـاً سيرحلُ قلبي.؟؟!
أخــَذتها لذة الكرى وراحت في غفلةٍ على بساطِ العذابِ والأحزان….وفاقت على جرس يـدقُ بابها…فاقت و يـا ليتها لم تـَـفـُق… فاقت على جرس قلبها … جاء يخبرها بأنه حان الرحيل….. سَــمـِعـَتــه يهمس بنبرات الوداع قائلاً : حان الفراق.. فــســأنأى عنك أنا .. أما أنتِ فأكملي الطريق وحدك … دقت الساعات واقتربت ساعة الصفر… مرّت الدقائق والثواني…وانفتح ينبوع الجراح… فقد رحل القلب الذي كنت أعيش به…وانبثقت الدموع…ذُرِفَت واحدة تلو الأخرى … تجري في سريان رهيب …أسرعت الدموع نحو مصيرها..عجباً…لِمَ تلك السرعة واللهفة..؟! كأنها مشتاقة إلى مرابع الحزن والألم … ولِمَ العجب ؟؟! ألا اعتادت دموعها على ذلك..أهذا بغريب عنها ؟! يا إلهي ما هذه الحياة ؟! كيف قالوا عنها حياة ؟! منذ انفتحت جفوني عليها رأيتها سواداً حالكاً… رأيتها تربةُ أموات….رأيتها مقابر ومدافن اندثرت تحتها قلوب الضعفاء أمثالي … رأيتها أسواراً عالية توارت خلفها مصابيح الحياة…. رأيتها أبواباً كثيرة تغلق واحداً تلو الآخر .. أحسست بقمة العجز عن النظر والاستيعاب.. كيف يقولون عنها جميله ويبالغون في وصفهم إياها مبلغ الروعة والجمال وأنا لست أراها إلا سواداً حالكاً.. ؟!!
لست أرى في السواد غير ألوان العذاب والجراح..كيف يصفون طعمها باللذة وأنا لم أذق منها إلا مراراً وحميماً ؟! عجز عقلي عن التفكير..وعجزت عيني عن الرؤية…وعجزت أذني عن السماع… لقد أُصِيبت حواسي بالعجز….. فكل ما أسمع هو خلاف ما أرى…. لست أدري من الصائب ومن المخطئ.!! لست أدري أين الصواب ؟! لست أدري ماذا أفعل ؟! لست أدري شيئا عن أي شيء … قد كنت لست أدري.. ومازلت لست أدري … وسأظل لست أدري ….!!
بقلم : نسمه الشرييني
سبحان الله و بحمده